إذاعة الاتحادية


ميناء الوديعة: شريان الحج والثروة والحرب - (تقرير خاص)

03/08/2019 16:35:22
ميناء الوديعة:  شريان الحج والثروة والحرب - (تقرير خاص)


 

تعرف على أحد أهم منافذ اليمن الإيرادية

ميناء الوديعة

شريان الحج والثروة والحرب

 

 

  لا شيء يعلو على جودة القات الأرحبي في مدينة بدأت بالتشكل للتو على هيئة مجتمع تجاري جديد، كنواة لمدينة يمنية واعدة على تخوم أغنى الممالك على ظهر البسيطة.

يحكم الزائر على المستوى المادي لأية منطقة، من نوع القات الذي يباع في أسواقها ومستوى جودته. في حضرة “الأرحبي المذهب” يصمت صفير الشاحنات والصوالين والأطقم وباصات النقل، لا فرق بين الواصلة أو المغادرة، وسواء غادرت محملة بالبصل أو عادت بالحديد.

خاص   موقع إذاعة الاتحادية اف ام    www.itehadiahfm.com 

 

تخرس كل المركبات محركاتها ليحدق ركابها عن بوابة ذلك “الأرحبي” بين واجهات المطاعم الشعبية المبهرة، على طول المسافة التي تفصل بين ضفتي الشارع القادم للتو من منطقة العبر على بعد 118 كم، والمساكن حديثة البناء التي تم ترتيبها على نحو منظم ومتسارع أيضا.

وأنت تعبر البوابة الأمنية الرئيسية في (كيلو 7) متجها نحو المنفذ الفاصل بين اليمن والسعودية، تبهرك الأنوار الساطعة ليلا، أو لوحات مجمع (الغناء السياحي) وأخواته في الفندقة والتجارة نهارا.

إلى هنا، وتحديدا أمام سوق القات، ما نزال رسميا خارج حزام المنفذ الحدودي، وبعيدا عن سيطرة (الجمارك، الضرائب، المواصفات والمقاييس وضبط الجودة، الحجر البيطري، والمصائد السمكية). وبعيدا عن مكاتب (النقل، الصحة، الجوازات، والبنك المركزي).           

إلى الان لم تقم بتفتيشنا سوى تلك النقطة الأمنية المهيبة على بعد 7 كيلومترات، اعتقدنا للوهلة الأولى أنها تمثل الفاصل الرسمي بين الدولتين، قبل أن نكتشف بعد مرور ليلة ونصف يوم أننا مازلنا داخل تجمع سكاني ينيف على أربعمائة وثلاثين مسكنا،     مطعما،      فندقا،     منشأة تجارية، لكننا بالتأكيد ضمن حزام (الأمن السياسي، القومي، الاستخبارات العسكرية، وكتيبة الحماية التابعة للواء 141 مشاه).

ما يزال (الأرحبي المذهب) هو سيد الإبهار، لم يصدمنا شيء اخر منذ ليلة ويومين، إلا بعد أن أصبحنا وجها لوجه مع “شاشة رقمية” على بعد مترين ونصف من كبير جماركة أبو حضرم، فيما نحن، فريق التقرير، نتوسط المسافة بينهما أي بين صالح بانصر (مدير جمرك المنفذ) وبين مئات الملايين التي تتحرك خلفنا على الشاشة، حتى تلك اللحظة (الساعة 12 ظهرا كانت قد أغلقت عند 83 مليون ريال)، مكتوب في خانة الجمارك (20 مليونا و992 ألف ريال)، تليها خانة الضرائب والودائع الأخرى (62 مليون و562 ألف ريال).

هذا حساب يوم واحد، هو يوم الأحد الموافق 14 يوليو 2019، رسوم ضريبية وجمركية، للمركبات المغادرة والواصلة حتى ظهيرة ذلك اليوم. البيانات على الشاشة تشير إلى إيرادات الأربعة عشر يوما من شهر يوليو اليوم الذي تمت زياراتنا فيه للمنفذ (مليار وأكثر من نصف مليار ريال يمني).

بحسبة بسيطة فقط، لو افترضنا أن اليوم الواحد في “يوليو الوديعة” لا يتعدى 12 ساعة، وافترضنا أن دخل المنفذ 100 مليون ريال يوميا، جمارك وغيرها، فمعنى ذلك أن ايراد المنفذ شهريا سيتجاوز “ثلاثة مليارات ريال”، وهذا ما أكدته أرقام شاشة الجمارك التي تعمل بدوام 24 ساعة وليس 12 فقط. يؤكد الجدول رقم (1) أن الثلاثة مليارات هي السقف الأدنى وفقا لإيرادات الستة الأشهر الأولى من العام الجاري 2019 (يناير -يونيو). يبدو أن أرقام منتصف هذا العام ستتضاعف بنسبة 100 بالمائة عن العام الماضي 2018 الذي تجاوزت إيراداته خلال العام بأكمله 27 مليار ريال يمني.

في الواقع كان علينا حينها أن نسابق عداد شاشة الجمرك، بنشوة لا يضاهيها (وطنيا وفسيولوجيا) إلا حث الخطى نحو صديقنا (الأرحبي المذهب)، علينا أن نواجه أصداف القصدير باهظة الثمن بشموخ، كتلك الشاشة التي تواجه بملايينها جهامة وتركيز المدير الجاد والمهيمن على عرش مكتبه (الكونتيرة) الشبيه بصناديق بائعي القات الأرحبي المذهب. أحد أعضاء فريقنا الصحفي وصف مكتب الجمرك، الصغير الثمين، بالكنز المخبأ في كوخ الجد السابع لأحد أمراء القصص والأساطير القديمة.

 

          في 12 يونيو 2000

      أصبح الشريط الحدودي بعمق 5-50 كم

      داخل الأراضي ملكا للجمهورية اليمنية

      بموجب اتفاقية معاهدة جدة التي ضمت

      منفذ الوديعة في نجران ومنطقة الشريط

      الحدودي كلها إلى اليمن.

 

            في 4 يوليو 2014

      أعلن بيان منسوب للقاعدة مسؤوليته عن

      هجوم استهدف منفذ الوديعة عرض خلاله

      صور مسلحين ممن شاركوا في الاقتحام

      وكذا مدينة شرورة، وبعض أسماء منفذيه

      ولحظة تفجير السيارة المفخخة عن بعد

      وصور القذائف الصاروخية ضد وحدات

      من حرس الحدود أدت إلى مقتل أربعة من

      جنودها وخمسة من المهاجمين.

   

               في يونيو 2015

       سيطرت الشرعية على منفذ الوديعة ممثلة

      بكتيبة 2 التابعة للواء 141 أحد التشكيلات

      الأولى للجيش الوطني بتوجيهات رئاسية

      استباقا لحملة حوثية للسيطرة على المنفذ

      البري الوحيد للشرعية والتحالف.

 

 

               ميناء الثروة

لقد ظل منفذ الوديعة خلال الأربع السنوات الماضية بمثابة الرئة التي يتنفس منها أبناء الجمهورية اليمنية، فبعد انطلاق عاصفة الحزم لجأ عشرات الالاف من المواطنين الهاربين من جحيم المليشيات الحوثية مطلع العام 2015 وبشكل تلقائي لمغادرة البلاد عبر منفذ الوديعة. أسهم الانطباع الإيجابي عن ثقافة المدنية التي يتحلى بها سكان الوادي والصحراء بل وحضرموت عموما، في اتخاذ قرار المغادرة عن طريق تلك المنافذ.

وشكلت مشاهد الأسر النازحة ضغطا وحرجا كبيرين على كافة اليمنيين وبخاصة جيران المنفذ، وعلى راسها قيادة الميناء وحمايته العسكرية، فعمل الجميع ولكن في وقت متأخر على التخفيف من وطأة ما حدث بإسناد مباشر من الحكومة وحكومة المملكة.

مذ ذاك، ومنفذ الوديعة البري التابع لمحافظة حضرموت شرق اليمن الأمل الوحيد لليمنيين للارتباط بدول العالم الأخرى، ومثلهم لجأ التجار والمستوردون ورجال الأعمال بعد انسداد الأفق أمامهم لا سيما القادمين من مناطق الكثافة السكانية كصنعاء وإب وتعز وعمران وذمار وغيرها.

المنفذ الحيوي يقع عسكريا يقع في مسرح عمليات المنطقة العسكرية الأولى، وتقوم كتيبة تابعة للواء 23 بحماية 70 بالمئة من طريق العبر الوديعة، فيما تتولى كتيبة تابعة للواء 141 تأمين باقي المسافة، إضافة إلى حماية الميناء نفسه ونحو 60 كيلو مترا على جانبي المنفذ.

 

يبعد منفذ الوديعة بين البلدين عن ميناء المكلا 460 كيلو مترا، وعن العاصمة صنعاء 500 كيلو متر، وعن ميناء عدن 500 كيلو متر. أما من الجانب السعودي فيبعد عن محافظة شرورة مسافة 60 كيلو مترا، وعن نجران 350 كيلو مترا.

 

 


 

 


 

 

         حكومة الوديعة المصغرة

خلال زيارتنا للميناء البري وفور وصولنا تمكنا من الحصول عبر مدير الميناء الشيخ مطلق الصيعري وعدد من قيادات الميناء على الكثير من المعلومات الهامة حول المنفذ وطريقة عمله اليومية وارتباطه بجهات الدولة العليا باعتباره مصدرا سياديا.

الصيعري قال إن ثلاثة عشر مكتبا حكوميا تعمل في المنفذ كمكاتب تابعة لإداراتها العامة في سيئون أو فروعا لهيئاتها ومصالحها الرئيسية في العاصمة المؤقتة عدن.

مؤكدا أن كل القطاعات داخل المنفذ تعمل بروح العمل الواحد، مضيفا “لا شك أن ميناء الوديعة يحتضن كافة أبناء اليمن دخولا وخروجا من المملكة وعدة دول أخرى ويحظى بأعداد كبيرة تمر عبره: طلاب، جرحى، حجاج، مغتربون، وحالات كثيرة تمر عبر المنفذ”.

وعن المشكلات التي تحدث بين الحين والاخر قال الصيعري: “حرصنا على أن يكون العمل ميسر ومسهل لكن بعضها له أسباب فنية وقد تم التواصل مع الجانب السعودي لترتيب بعض الإشكالات السابقة وتم حلها مثل تأخير دخول الناقلات وبعض الأمور الفنية والان الأمور تمشي بسلاسة” حسب قوله.

يضيف بشأن الترتيبات الجديدة: “ألزمنا الجهات المختصة ببعض الترتيبات داخل دوائرها مثل توحيد الزي المخصص للموظفين كل جهة لها لبس محدد وإبراز شعارها على كتف الموظف وكذلك المخلصين بطائق تعريفية خاصة لبعض العاملين في المنفذ دخول وخروج لتفادي المشكلات الأمنية”.

الجدول رقم 3 يوضح تشكيلة المكاتب الإدارية في المنفذ وتبعيتها للمؤسسات المحلية وعلى مستوى اليمن كالتالي

 

 

 

 

 

 

         منفذ مدني واخر عسكري

“كنا موعودين قبل الحرب بالانتقال إلى المنفذ الجديد” يقول مدير عام جمرك الوديعة “صالح بانصر” متحدثا عن الوضع الحالي لمباني وكرفانات الجمرك.

وفي سياق حديثه عن وجود منفذين أحدهما: عسكري والأخر مدني قال بانصر: “في بداية الحرب تم تكليف كتيبة حماية للمنفذ من أي تدخل حوثي ضد السعودية لأنه خط الدفاع الأول وتم استقرار الكتيبة داخل المنفذ وكانت الكتيبة مؤخرة لجميع الكتائب المتقدمة في الجبهات”.

مضيفا: “ما كنا نتوقع أن تطول الفترة إلى أربع أو خمس سنين، ولهذا الان نحن ومدير عام الميناء وعدد من الجهات شبه يائسين أن ننتقل للمنفذ الجديد، ستكون الكتيبة مؤخرة حتى بعد الحرب”.

التعليقات
تابعونا على صفحتنا على فيسبوك
تابعونا على صفحتنا على تويتر