الاتحاديةنت- تقرير
يضع الحوثي اليمنيين في مواجهة مع المستقبل، فليست المشكلة معه مثل أي مشكلة مع أي جماعة محلية اخرى، فهو يصادر وجود اليمنيين ويعيد صياغة مستقبل اليمن بشكل يشبهه (مظلم وقاسي).
ولذلك يخشى اليمنيون الحوثي الذي لن يكون اليمن تحت حكمه سوى جغرافيا معزولة ومتخلفة، بينما يمتلك الاخرون في العالم فرصة في المستقبل!
وبعيداً عن الامنيات بالسلام، كتقدير جاف لمبادرة السلام السعودية: التي أضافت عائدا سياسيا للمملكة سوا رفضها الحوثيون أو قبلو بها: فإذا تم التوافق عليها ستنعكس إيجابًا على سمعتها الدولية، وستخفف الضغط على مارب وعلى الحكومة المرتبكة سياسيًا بسبب الوضع الاقتصادي واتفاق الرياض.
حين رفضها الحوثي القت بعبء رفض مسار السلام عليهم وتحسن من سمعة السعودية ضمنياً وتخفف الضغط عليهم، ويمكن التاكيد على أن الحوثيين يصعب عليهم قبول المبادرة لأنها لا تناسب تقديرهم لقوتهم العسكرية، وثانيا لكون أي إرخاء للضغط العسكري على السعودية لا يناسب مصالح حليفهم الايراني الان.
رفض الحوثي للمبادرة
قللّت نصوص هذه المبادرة من حجم قوات الحوثيين وقوات الرئيس السابق صالح الموالية للحوثيين، وبالغتْ من قوة حزب الإصلاح على الأرض، ومن نفوذ الرئيس هادي داخل الجيش، النفوذ الذي كشف عن أنهم لم يكونوا سوى حقيقة يكاد يبتلعها الحوثي بمرارة.
وقف اطلاق نار شامل تحت مراقبة الامم المتحدة ، وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة وفق اتفاق ستوكهولم بشان الحديدة، وفتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات المباشرة الاقليمية والدولية ، وبدء المشاورات بين الاطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة بناء على مرجعيات قرار مجلس الامن الدولي ٢٢١٦، والمبادرة الخليجية واليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشام.
يتحدث من صنعاء الحاكم العسكري الخاص لإيران وكأنه يدافع عن السيادة اليمنية في تغريدة له رصدها "واي إن إن"
يصف مبادرة السعودية بالحرب الدائمة وزيادة لجرائم الحرب ويطالب بسحب القوات السعودية واصفا الحكومة الشرعية وجيشها بالمرتزقة والتكفيريين ويدعو لحوار سياسي بين اليمنيين دون تدخلات خارجية ناسيا التدخل الإيراني ودعم مليشيا الحوثي بالخبراء والسلاح والمقاتلين .
حيل حوثية بجدارة
الحوثيون حددو الشروط المناسبة لهم لاطلاق السلام، وهي تتعلق بفتح المطار وهذا يمكن القبول به، ورفع الحصار على ميناء الحديدة وهذا مكلف ولا يمكن تقديمه مجانًا بل ضمن مساومة سياسية.
ولذلك الشروط الحوثية ذات سقف مرتفع ولن تتكيف مع السياق الذي يجعلنا ننظر للمبادرة السعودية الأخيرة بوصفها مناورة سياسية لسد الذرائع في وجه الضغوط الغربية التي لا تكترث باليمن ولا تقيم وزنا للأمن القومي العربي.
ضمن الحيل الحوثية التي رصدها "واي إن إن" سردية الحوثي لما يحدث في اليمن ومخالفة القوانين والمرجعيات والسياسة والمنطق وما يجمع عليه المجتمع الدولي باستثناء إيران، وهي تقوم على أنه هو الممثل لليمن وأن ما يحدث عدوان خارجي وحصار مطلوب رفعه وإقرار استيلائه غير المشروع على السلطة ولن يقبل بأي حل لاينطبق مع تصوره هذا.
تبقى مليشيات الحوثي آخر من يتحدث عن ضرورة عدم تسييس الوضع الإنساني، لأنه أكثر الناس استغلالاً له، لتحقيق أغراض سياسية وربحية.
ناطق الحوثيين قال في تغريدة رصدها "واي ان ان" "إن وصول المشتقات النفطية والمواد الغذائية والطبية والمواد الاساسية إستحقاق انساني وقانوني لشعبنا اليمني لا نقبل بالمقايضة به بأي شروط عسكرية أو سياسية ".
احتكر المحروقات ليضغط لدخول سفن تحمل مشتقات تتبع قياداته، وسرق المعونات ثم تاجر بالمجاعة، وتباكى على المدنيين لوقف معركة الحديدة، أما توظيف سفينة صافر فحالة فريدة.
الحوثيون وفشل المفاوضة
جاءت المبادرة السعودية كحجة سلام تقام على الحوثيين في وقت تراجعهم وليس ذروة قوتهم وهذا ما يميزها، لكن قبولها من قبل الحكومة الشرعية من عدمه يجب أن يأتي من الميدان من الجيش على الأرض، لأن الحوثي جماعة مسلحة ويجب أن يكون الغطاء في هذا الظرف عسكري لا سياسي.
لم يخسر الحوثي عسكريا وبشريا ولم تطو من تحته أراضي فحسب، بل لحقته هزيمة معنوية يحتاج لعامين لاستعادة هيبته وسط أنصاره.
لم يكن قرار هجومه على مأرب خاطئا فقط بل انتحارا، وعلى بوابتها تكسرت أظافره وأنيابه، وسيذهب للحوار عاجلا أم آجلا، لأنه يحتاج لوقت حتى يخرج من الهزيمة المذلة، التي يقابلها بهجمات مستمرة على مأرب وغيرها من المدن، في الوقت الذي تعلن السعودية فيه عن مبادرة سلام لحقن دماء اليمنيين يستهدف الحوثيون مخيمات النازحين في مأرب بنيران أسلحتهم الثقيلة.
واي إن إن